خبرات المعهد

الإصلاح الاقتصادي والمالي


تُواجه العديد من الدول العربية تحديات تنموية مُرتبطة بالعوامل الهيكلية مثل هيمنة القطاعات الأولية والخدمات غير الإنتاجية وضعف الإنتاجية والتنافسية وتواضع رأس المال البشري والمادي، وكذلك سُوء الترتيبات المؤسسية، وضعف الحوكمة، والمساءلة، والتخطيط. كُل هذه التحديات مُجتمعة تنعكس عُموماً في تواضع النمو الاقتصادي وبطء التحول الهيكلي وارتفاع مُستويات التضخم والبطالة وارتفاع معدلات الدين العام. كما أدت العولمة والانفتاح الى سرعة انتقال الصدمات الخارجية الإسمية والحقيقية مما زاد من حدة أثر ها السلبي على مختلف الاقتصادات.  إن مُواجهة هذه التحديات وإبطال مفعولها على النمو والتنمية بما يسمح بزيادة مُستدامة للدخل وارتفاع مُستويات الرفاهية، يتطلب أجندة وبرامج وطنية للإصلاحات المالية والاقتصادية قائمة أولاً على تشخيص موضوعي وعلمي لكل القيود والاختلالات التي تُواجه المنظومة المالية والاقتصادية، كما يتطلب الأمر وضع برنامج إصلاحي قائم على تطبيق حزمة سياسات مُتكاملة ومتناسقة وذات مصداقية قابلة للتمويل وتأخذ في الاعتبار آثارها الاقتصادية والاجتماعية خاصة على الشرائح الضعيفة في المجتمع.

تتمحور الإصلاحات الاقتصادية والمالية عُموماً حول تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي من خلال سياسات سعر صرف مرنة تُوجه نحو تعديل الاختلال في ميزان المدفوعات وامتصاص الصدمات الخارجية، وكذلك سياسة مالية مُوجهة نحو تحقيق النمو دون الإخلال بالتوازنات المالية للدولة من خلال مُراجعة وترشيد الإنفاق وكذلك تجنيد الإيرادات الضريبية وغير الضريبية، وإدارة علمية ومحوكمة للدين العام. أما السياسة النقدية فيجب أن تُوجه نحو محاربة التضخم وكذلك نحو توفير السيولة ودعم الاستثمار الإنتاجي. أما في مجال التنمية ورفع الدخل فإن الإصلاحات يجب أن تبني على سياسات صناعية حديثة قائمة على تطوير الصناعات الحديثة ذات التقانات العالية والمنظمة في عناقيد صناعية ومندمجة في السلاسل العالمية ومُوجهة نحو التصدير. كما أن هذه الإصلاحات تحتاج إلى تطوير البنية التحتية وتطوير رأس المال البشري وإصلاح النظام المالي المصرفي وغير المصرفي ليكون قادراً على تمويل العمليات الإنتاجية الكبيرة وكذلك بناء مُؤسسات تمويل تهتم بتوفير فُرص للداخلين لسوق العمل والتحضير لمواجهة التحديات البيئية القادمة وتشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة وتطوير الاقتصاد الأخضر. كل هذه الإصلاحات يجب أن تكون مُصاغة في إطار استراتيجية وطنية للتنمية طويلة الاجل يتم تنفيذها عبر خُطط مُتتالية ويتم تقييمها مرحلياً وذلك لتحقيق هذه الغايات التنموية. ويقدم المعهد دعماً فنياً وتدريبيا متخصصاً في هذا المجال من خلال تنفيذ العديد من البرامج التدريبة ذات العلاقة ومن خلال الدعم الاستشاري والمؤسسي المباشر للدول العربية وفق طلبها.